اقتصاد إذا هاجمت تايوان.. لماذا لن يستطيع الغرب معاقبة الصين؟

Apr 26, 2022

ترجمات – السياق

العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية على موسكو، بسبب غزوها العسكري لجارتها أوكرانيا، ألقت بظلال من الشك في قدرة الدول ذات على فرض عقوبات مشابهة على بكين، حال أمضت في رغبتها ضم تايوان -“الإقليم المتمرد” كما تصفه- ولو بالقوة العسكرية.

بدورها، تساءلت مجلة إيكونوميست البريطانية: هل تجرؤ الولايات المتحدة على تجميد أو مصادرة الأصول الاحتياطية للصين، في حالة إقدام بكين على غزو تايوان، على غرار القرارات التي اتخذتها واشنطن وحلفاؤها الذين فرضوا عقوبات مشددة على البنك المركزي الروسي بعد غزو أوكرانيا؟!

وأشارت المجلة إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها جمدوا نحو نصف احتياطات موسكو من النقد الأجنبي، بينما عزلت الدول الأوروبية أكبر البنوك الروسية عن النظام المالي الغربي، وحظرت العديد من صادرات التكنولوجيا الفائقة إلى البلاد.

القوة المالية

ترى “إيكونوميست” أن أمريكا وحلفاءها يملكون -بالتأكيد- الوسائل لفرض أي عقوبات محتملة ضد الصين في حالة غزوها لتايوان، لكن الأمر ليس بهذه السهولة، ونقلت عن إسوار براساد، أستاذ السياسة التجارية في جامعة كورنيل، الزميل بمعهد بروكينغز، قوله: لا يزال موضع القوة المالية راسخًا في الغرب، لكن الصين تحتفظ بنحو ثلثي احتياطاتها من العملات الأجنبية البالغة 3.2 تريليونات دولار في سندات الحكومات الغربية، لذلك إذا أمرت أمريكا وأوروبا مؤسساتهما المالية، بعدم التعامل مع البنوك الصينية، سوف تفقد الدول الغربية إمكانية الوصول إلى الدولار واليورو والجنيه الاسترليني.

تؤكد المجلة البريطانية، أن تجميد احتياطات الصين، ربما لا يؤدي إلى زعزعة الاقتصاد، حتى إذا أرادت الصين ذلك، لأن العقوبات التي ستفرض عليها -حال هجومها على تايوان- ستؤدي إلى حالة ذعر، وتمنعها من شراء المزيد من السندات، ما يدفع المستثمرين في القطاع الخاص لشراء السندات ذات التصنيف العالي من الحكومات الغربية.

حرب التريليونات

بحسب جيرارد ديبيو، الباحث الاقتصادي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في”واشنطن”، فإن الصين يمكن أن ترد عن طريق مصادرة الأصول الضخمة، التي يحتفظ بها الغربيون في الصين، حيث تبلغ ممتلكات الأجانب من أوروبا والولايات المتحدة نحو 3.6 تريليون دولار من الاستثمارات المباشرة، و2.2 تريليون في الأسهم والسندات واستثمارات المحافظ الأخرى، كما يبلغ حجم الحيازات الأجنبية في الصين 6 أضعاف الموجودة في روسيا.

ضرر بالنظام المالي العالمي

وأشارت المجلة إلى أنه من الصعب على الغرب، فرض عقوبات على مؤسسات صينية مالية أخرى بخلاف البنك المركزي، حيث إنه على صعيد النظام المالي، فإن الصين تسيطر على 4 من 30 بنكًا مهمًا في العالم بحسب مجلس الاستقرار المالي، لذا فإن فرض عقوبات على تلك البنوك، سيضر بالمؤسسات المالية الغربية والنظام المالي.

وعن إمكانية إقدام الدول الغربية على عزل البنوك الصينية، نقلت المجلة عن كلاي لوري، نائب الرئيس التنفيذي في معهد التمويل الدولي قوله: إذا أقدم الغرب على هذه الخطوة، فإنه سيضر لا شك باستقراره المالي.

وأوضحت “إيكونوميست” أن هذه الإجراءات – في حال اتخاذها- من شأنها شل حركة التجارة أيضًا، لأن الصين سوَّت -العام الماضي- ما يقرب من خُمس معاملاتها التجارية بعملتها الخاصة، وفي هذا الإطار، قال مارتن تشورزيمبا، الباحث في معهد بيرستون للاقتصاد الدولي بـ”واشنطن” للمجلة: الصين شريك تجاري رئيس لأكثر من 120 دولة، لذا قد يؤدي أي اضطراب في النشاط الاقتصادي إلى قلب بقية العالم ضد أمريكا وحلفائها.

آكل الوحدة الغربية

وحسب المجلة، فإن الدول الغربية ستعاني أيضًا، مما قد يؤدي إلى تآكل وحدتها، مشيرة إلى أن 18% من واردات الولايات المتحدة و22% من واردات الاتحاد الأوروبي من الصين، إضافة إلى بعض المواد الخام المستخدمة في التصنيع المحلي، لذا فإن عرقلة التجارة مع الصين، ستؤدي إلى الإضرار بإنتاج الدول، بما في ذلك صادراتها.

ووفقًا لـ جابرييل فيلبر من جامعة فيينا للاقتصاد والأعمال، فإنه إذا خفضت أمريكا وحلفاؤها وارداتها من الصين بنسبة تزيد على 90% فإن صادراتها ستنخفض بنسبة 10%.

خسارة أمريكية

وتبين مجموعة بوسطن الاستشارية، أنه إذا حاولت الولايات المتحدة الأمريكية حرمان الصين من بعض المدخلات التقنية، مثل أشباه الموصلات، فإن ذلك سيؤدي إلى خسارة شركات أشباه الموصلات الأمريكية 37% من إيراداتها، ويعرض أكثر من 120 ألف موظف لفقد وظائفهم، كما أنه من جانب بكين يمكن أن تحد من صادرات العناصر الأرضية النادرة المستخدمة في العديد من السلع الإلكترونية، ما يعرقل سلسلة التوريد لبطاريات السيارات الكهربائية ومنافذ التصنيع الأخرى.

 

العقوبات مستبعدة

أمام هذه الاحتمالات، يرى إيدي فيشمان، الباحث في مركز الأمن الأمريكي الجديد، أن النشاط الاقتصادي بين روسيا والولايات المتحدة وحلفائها، ليس بحجمه مع الصين، لذا فإن الإضرار بالمؤسسات المالية في الصين، سيضر بالنظام المالي العالمي بشكل كبير، مستبعدًا إقدام الغرب على هذه الخطوة قائلًا: “من الصعب أن توجه الدول الغربية ضربات اقتصادية للصين، في حال مهاجمتها تايوان”.

مصدر:إذا هاجمت تايوان.. لماذا لن يستطيع الغرب معاقبة الصين؟ – منصة السياق الإعلامية (alsyaaq.com)